مقالات

قطارات على الماء وحقائق على الأرض

بكري المدني:

(1)

* في البدء كانت الثورة وكان الطلب حكومة كفاءات وطنية مستقلة -غير حزبية -وتاليا تمت سرقة الثورة وحتى عندما تم تقديم كفاءات من داخل المؤسسات العامة لإدارة المرحلة بعد 25 اكتوبر كان مشهد الصراع أقوى وصوته أعلى من ان يتيح مساحة للرؤية او يمنح فرصة السمع !

* كثر الذين جاءت بهم الكفاءة للإدارة وللوزراة بل وللولاية أيضا وأكثرهم يعمل اليوم -لا أقول في صمت -ولكن وسط ضجيج يضيع صوته وجهده وحقه خلال حالة (الفنتازيا) التى تشيعها بلادنا حاليا !

* صرخنا ننبه الى جهد البعض ولحفظ الحق العام -كتبنا عن والى الخرطوم الحالي وهو يزرع (فسيلة الحياة) قبل قيام قيامة السودان واشرنا إلى اتفاقية تجارة الحدود التى حققها حامد هنون لولاية جنوب دارفور ولا زلنا نهتف والقافلة تفارق الطريق نحو المعلوم للسودان من مستقبل مجهول !

* أمس كنا نسابق الزمن الى بورتسودان حتى نستقبل سفينة الخطوط الصينية (كوسكو)التى تحمل منذ شهرين على جوفها 21 وابور قطار للسودان ولقد تأخرت كثيرا في طول وعرض البحر وكنا نتابع على النت وعلى الأرض مع العاملين بوزارة النقل قلق الوصول وشوق الموانئ للقدوم –

* المهندس هشام على أبوزيد وزير النقل -أول مرة التقيه- وقد لفت انتباهي بشيئين منذ وصولنا للبورت الأول سلامه او حقيقة قل حرصه على أن يسلم على جميع منسوبي النقل باليد في مؤسسات بورتسودان (سكة حديد وموانيء)وكان يعرف أغلبهم بالإسم والثاني أسئلته التفصيلية لطاقم استقبال القطارات عن استعدادهم ولم تكن أسئلة عامة وإنما أسئلة من يعرف كل شيء عن القطارات (الماء والزيت والهواء)وأثناء حديثه جذبت أقرب رفاق الرحلة الي من العاملين بالوزارة سائلا (الوزير ده جابوه ليكم من وين ؟قبل يكون وزير كان وين؟)رد الرجل كمن يستغرب جهلي قائلا (هشام ده اصلا كان مدير عام هيئة النقل وأصبح وكيلا للوزارة منذ فترة طويلة وهو الآن وزير مكلف )قالها وأضاف (هو طبعا دكتور وعامل دراسات عليا في اقتصاديات النقل !)

* الآن تبدو الأشياء هي الأشياء والسيد هشام على أبوزيد من الكفاءات الذين صعدوا للوزارة من ذات(الكار)ولهذا كان يسلم على الجميع (بالإيد)ويسأل عن كل شيء بالتفصيل بل وتبدو الأشياء أكثر وضوحا لأن 21قطار على وشك الوصول للميناء من الصين البعيدة !

(2)

* فجر أمس كانت سفينة الخطوط الصينية (كوسكو)قد وصلت -اخيرا-الميناء الشمالي ببورتسودان بعد نحو شهرين على الماء وكان الجميع في ترقب وانتظار /وزير النقل ومدير السكة حديد والعاملين بالوزارة والميناء والإعلاميين المقيمين بالولاية والقادمين من الخرطوم

* كان الحماس كبيرا والتفاؤل أكبر والإصرار يترجمه الهتاف القديم والعنيد (لا بديل للسكة حديد إلا السكة حديد! )-ضاقت حلقات الحال ولعل الفرج في السكة حديد-قالها الوزير هشام أبوزيد ومن يدري لعل قوله صحيح ؟! فالسكة حديد ان عادت سيرتها الأولى وبصورة جديدة ربما أحدثت الفارق في الإقتصاد الوطنى بفترة وجيزة فهي الناقل الأرخص والأوسع والأنسب للبضائع والركاب في السودان لإتساع هذا البلد وتنوع موارده وحاجياته

* وصول 21 وابور قطار للسودان هو الخبر الأسعد منذ حدوث التغيير الأخير وهو الخبر الأكبر والأبرز في مجالات الإنجازات القليلة لذا تم إنزال أول قطار منها لأرض الميناء وسط هتافات الرجال وزغاريد النساء ولقد انزل على بركة من دماء السلامة التى اريقت كرامة على أرض الميناء.

* 21 وابور قطار 17لسحب القاطرات و4 للمناورة كانت مناسبة لنقاش طويل وعريض وعميق مع وزير النقل السيد هشام أبوزيد ومع مدير السكة حديد السيد وليد محمود ومع العديد من مهندسي النقل حول ماضي السكة حديد وحاضرها وحول مستقبلها المنشود /كيف يمكن إعادة السكة حديد للخدمة بطاقتها الكاملة وكيف يمكن ان تكون مواكبة لمتطلبات السرعة المطلوبة هذا الزمان والعشرات من الأسئلة التى كانت تتناسل على طاولة من يهمهم الأمر والإجابات تزيد مع (الاتساع القياسي)المطلوب لربط السودان مع دول الجوار من الإتجاهات كلها بالسكة حديد والآمال تسابق مشروع لامي الكبير على الساحل الكيني والذي يحاول سحب (النقلون)كله من السودان !

* لا تزال فرص السودان هي الأكبر ولكن النقل شرط وحيد لإستثمار هذى الفرص الكبيرة فكل المشاريع متوقفة اليوم على الأرض في انتظار تنفيذ الأفكار الموجودة على الورق ومنطقة البحر الأحمر وحدها قادرة على إسعاف السودان من خلال (الاقتصاد الأزرق )الذي يتجه إليه عالم اليوم وهو الاستثمار في الماء (موانئ -اسماك- لؤلؤ الخ )وتحقق ذلك يمنح السودان الوزن السياسي المطلوب والذي لا يقوم الا على الوزن الإقتصادي

* 21 وابور قطار مناسبة لبداية كبيرة تحتاج رعاية وحماية وتحريك وتأهيل كافة عربات النقل والركاب ونحتاج أكثر لربط السودان بمصر وأثيوبيا وجنوب السودان وتشاد والعديد من الدول الإفريقية الحبيسة داخل حدود بلا مرافئ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق