مقالات

المنامة.. لماذا الهلع ؟

ما وراء الخبر

محمد وداعة:

رسميا فإن عبد الرحيم دقلو يعتبر المسؤول عن قوات المليشيا بعد الاعتلال الواضح على حميدتي

حضور الإمارات يعني أن المفاوضات تجرى مع صاحب القرار ، فما مليشيا الدعم السريع وأسرة دقلو إلا مجرد دمية في يد الإمارات 

الإمارات كانت موجودة ومؤثرة داخل الجهاز التنفيذى لحكومة حمدوك وفي مجلس السيادة

الجيش السودانى استنزف قوات المليشيا ومليارات الدولارت التي دفعتها الإمارات 

توقعات بصدور قرار من مجلس الامن يدين خرق الامارات للقرار 1591

تسريبات وربما معلومات وتكهنات عن تفاوض فى المنامة بين الفريق كباشى نائب القائد العام للقوات المسلحة وعبدالرحيم دقلو قائد ثانى مليشيا الدعم السريع ، البعض استنكر مجرد حدوث اللقاء والبعض اعتبر أن سرية الاجتماع مؤشر على خيانة وتنازلات من جانب الحكومة، وآخرون اعتبروا وجود الإمارات التي تشارك فى العدوان على بلادنا فى الاجتماع دليل ضعف ومؤشر لتنازلات لإيقاف الحرب، وتخوف البعض من وجود أجهزة استخبارات أخرى من بينها امريكا والسعودية ومصر.
بداية ليس من سبب لهذه التخوفات ، فهذه الأجهزة الاستخبارية لم تغب يوما عن مفاوضات جدة وشاركت بصيغة أو بأخرى فى مخرجات اجتماعات الاتحاد الافريقى والإيقاد وهي موجودة (بشحمها ولحمها) في بورتسودان.

الجديد هو ما قيل عن مشاركة الإمارات فى الاجتماعات، وهو إن حدث، فإنه حدث بموافقة الحكومة السودانية، وربما هذا الحضور الإماراتي يعني أن المفاوضات تجري مع صاحب القرار الحقيقي، فما مليشيا الدعم السريع وأسرة دقلو إلا مجرد دمية في يد الإمارات.

رسميا فإن عبدالرحيم دقلو يعتبر المسؤول عن قوات المليشيا بعد الاعتلال الواضح على حميدتي، وربما عدم اليقين عن حالته الذهنية، ولعل هذا يفسر الأسباب الفنية التي حالت دون حضوره لاجتماع جيبوتي.

سبق لي أن كتبت مقالآ فى يونيو الماضى بعد أن تكشف دور الإمارات في دعم المليشيا بعنوان (ماذا تريد الامارات ؟) ، وسردت بالتفصيل افتراضات عما تريد الإمارات تحقيقه من هذه الحرب. قامت هذه التوقعات على معلومات معروفة عن سعي الامارات للسيطرة على الموانئ السودانية وأراضي الفشقة وهى أصلا كانت تسيطر على 80% من صادر الذهب الرسمي فضلا عن الذهب المهرب، وكانت حقيقة موجودة داخل الجهاز التنفيذي لحكومة حمدوك، وفي مجلس السيادة وعقدت اتفاقية ثلاثية مع اثيوبيا ورجل الأعمال السودانى أسامة داؤد للاستثمار فى أراضي الفشقة، واتفاقية ميناء (أبوعمامة)، ومشروع نهر عطبرة وأبوحمد، وعقدت اتفاقية سرية احتكرت بموجبها صادر الذهب لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد، واستطاعت تسويق الاتفاق الإبراهيمي ، والغاء قانون مقاطعة إسرائيل، ونجحت فى جرجرة السلطتين السيادية والتنفيذية إلى الهرولة والتسابق في إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني، وسيطرت على القوى السياسية السودانية وبالذات قوى الحرية والتغيير، و انتهى المقال إلى التساؤل ( ماذا تريد الامارات ؟). وإجابة افتراضية أن الإمارات تريد السيطرة على كل السودان.

بلا شك فإن الإمارات خسرت كثيرا بوقوفها خلف عدوان مليشيا الدعم السريع ، فبعد تسعة أشهر من الحرب، استطاع الجيش السوداني استنزاف قوات المليشيا ومليارات الدولارت التي دفعتها الإمارات دون أي ملامح لتمكن قوات المليشيا من تحقيق أهداف العدوان، و خسرت للأبد الشعب السوداني ووضعت حواجز ومتاريس أمام إقامة أي علاقات إيجابية مستقبلا.

فشلت الإمارات ومن خلفها فشل الكيان الصهيوني في السيطرة على السودان وإخضاعه، كما يحدث الآن لقادة وجيوش العرب والمسلمين التي تقف عاجزة عن مجرد التلويح باستخدام القوة لرد العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة أو على الأقل سحب سفرائها وقطع علاقاتها مع إسرائيل.

بعد تقرير خبراء الأمم المتحدة بشأن تطبيق القرار 1591، وتأكيدات بضلوع الإمارات فى إمداد المليشيا بالسلاح عبر عنتيبي وأم جرس وأفريقيا الوسطى، واتهام المليشيا بارتكاب فظائع وجرائم حرب بمشاركة ودعم الإمارات، فإن فرص الإمارات في الاستمرار في هذا تقلصت كثيرا، مع توقع صدور قرار من مجلس الأمن يدين خرق الإمارات للقرار 1591، و بعد إدانة اسرائيل في محكمة العدل الدولية لم يعد هناك كبير يستعصي على الإدانة ومن ثم المحاكمة أمام محكمة الجنايات الدولية.

من الواضح أن الإمارات تسعى إلى صفقة ومن المنطقي أن تقبل السلطات السودانية دون المساس بسيادة البلاد ودون التراجع عن تنفيذ اتفاق جدة وإنهاء وجود المليشيا العسكري والسياسي والمادي وبالطبع استعادة المنهوبات والمسروقات وتقديم مجرمي الحرب من المليشيا والمرتزقة إلى العدالة.

وإلى أن يحدث ذلك، فإن الجيش والمقاومة الشعبية وشرفاء الشعب السودانى مصممون على مواجهة المليشيا وصد عدوانها واستعادة الأمن والاستقرار لربوع بلادنا، فلا داعى للهلع.

27 يناير 2024م

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق