إقتصادمقالات

علي أحمد عباس يكتب : متطلبات تفعيل وتنفيذ قانون الصناعة لسنة 2021

علي أحمد عباس

ظلت وزارة الصناعة الإتحادية لفترات طويلة بعد إصدار قانون الإستثمار الموحد في عام ١٩٨٠ وما تبعه من قوانين عديدة للإستثمار بلا صلاحيات اساسية واضحة تمكنها من الإضطلاع بدورها في الإشراف التام علي نشاط القطاع الصناعي بعد ان آلت معظم تلك الصلاحيات للجهاز القومي للإستثمار اولا ثم الي وزارة الإستثمار لاحقا.وطوال هذه الفترة جرت عدة محاولات من القائمين بأمر الوزارة لإصدار قانون للصناعة يعيد لها صلاحياتها ولكن لم تكلل تلك المجهودات بالنجاح حيث ظلت الوزارة تستمد بعض سلطاتها من الأوامر السيادية ضمن الوزارات عند تشكيل الحكومات المتعاقبة وقد تم دمج الوزارة اكثر من مرة مع وزارة التجارة.
الآن وبحمد الله صدر قانون تنمية وتنظيم الصناعة لسنة ٢٠٢١ الذي اعاد للوزارة جل صلاحياتها واختصاصاتها علي النحو الوارد في القانون بدءا من عمل وتصميم الخريطة الإستثمارية الصناعية القومية بالتفويض الوارد في قانون الإستثمار وهذا القانون خول لها تقييم دراسات الجدوي الفنية والإقتصادية للمشروعات الصناعية الجديدة وتحديد الإمتيازات الممنوحة لها واعتماد كشوفات المعدات ومدخلات الإنتاج التي تتقدم بها وتحديد اسعار منتجاتها وغيرها من الخدمات التي تقدمها الوزارة.
ان هذا الوضع الجديد يقضي ويحتم بالضرورة اعداد العدة وتهيئة المناخ في الوزارة للإضطلاع بهذه المسؤوليات ومباشرة الصلاحيات بالكفاءة المطلوبة .ولانفاذ ذلك ولضمان تفعيل القانون بصورة تحقق اهدافه لا بد من توفير عدد من المتطلبات اللازمة لبلوغ تلك الاهداف تشمل متطلبات لوجستية ومتطلبات تنظيمية هيكلية ووضع استراتيجية ورسم سياسات صناعية شاملة وقبل ذلك كوادر بشرية مؤهلة..وغيرها من المعينات نوجزها في ستة محاور تشمل:
1️⃣اعادة رسم وتصميم الهيكل التنظيمي والاداري للوزارة يرتكز علي الصلاحيات والاختصاصات الواردة في القانون وهذا يتطلب اعادة النظر في الادارات الحالية العاملة بالوزارة واعادة تكوينها وفق متطلبات القانون ربما بادارات قطاعية عامة. كذلك لا بد ان يواكب ذلك تاهيل وتدريب الكوادر العاملة بالوزارة بعقد دورات تدريبية مكثفة خاصة وقد فقدت الوزارة في الفترة الأخيرة عددا كبيرا من قياداتها بسبب التقاعد.ولا بد ايضا ان يواكب ذلك تطوير اساليب العمل وتسهيل الاجراءات عن طريق اقامة وتنفيذ برامج التحول الرقمي واستخدام الاساليب الحديثة وتعظيم قيمة
الزمن عند تقديم الخدمات للقطاع الصناعي .
2️⃣المحور الثاني:
المسح الصناعي
ان رسم السياسات ووضع الاسترتيجية الجديدة لتطوير الصناعة وتنميتها وتصميم خارطة استثمارية لتحديد مجالات الاستثمار يتطلب توفير بيانات وافية ومعلومات تعكس وتبين الوضع الراهن للقطاع الصناعي ومنشآته الصناعية والحرفية المنتشرة في جميع الولايات العامل منها والمتوقف عبر اجراء مسح صناعي شامل جديد اذ ان آخر مسح كان قد اجري قبل عشر سنوات.ان اجراء ذلك المسح يتطلب توفير التمويل اللازم والكوادر البشرية المؤهلة لاجرائه وفي هذا الصدد يمكن استقطاب العون الفني من اليونيدو وغيره وكذلك لابد من اشراك اتحاد الغرف الصناعية والجهاز القومي للاحصاء.
3️⃣المحور الثالث:
انشاء قاعدة بيانات احصائية للقطاع الصناعي
من اهم متطلبات تنفيذ وتفعيل القانون انشاء قاعدة بيانات حديثة عن كافة المنشآت الصناعيه والحرف الصناعية تؤسس علي مخرجات وبيانات المسح الصناعي المقترح لتسهيل عملية التخطيط ورسم السياسات الصناعية وعمل الخريطة الاستثمارية ومتابعة آداء المنشآت الصناعية والحرفية وتقديم الخدمات لها وحل مشاكلها ومتابعتها ميدانيا .ويتطلب ذلك ايضا تاهيل ادارة نظم المعلومات ورفدها بالكوادر المؤهلة وتوفير فرص التدريب لمنسوبيها وتوفير الاجهزةوالمعدات والادوات الحديثة اللازمة لها.
4️⃣المحور الرابع :
الخريطة الاستثمارية
من اهم الاختصاصات التي ستمارسها وزارة الصناعة هو ذلك التفويض الوارد في قانون الاستثمار والذي قضي بان تتولى الجهات المختصة وضع ورسم الخرائط الاستثمارية التي تليها الشئ الذي يتيح للوزارة وضع الخريطة الاستثمارية القومية للقطاع الصناعي في كافة انحاء البلاد مما يمكن الوزارة من احكام قبضتها علي كل الشأن الصناعي في كل الولايات والامساك ببوصلة الاستثمارات الصناعية وتوجيهها وفق السياسات والبرامج التي تقرها وفق المعطيات المتوفرة لديها .وتتولي الادارة العامة للتخطيط والاحصاء الصناعي مسؤولية وضع ورسم الخريطة الصناعية .
5️⃣المحور الخامس
وضع الاستراتيجيةورسم السياسات الصناعية :
ان انشاء قاعدة البيانات والمعلومات الاحصائية الخاصة بالمنشآت الصناعية والحرف الصناعية يؤسس عليه وضع الاستراتيجية ورسم السياسات الصناعية التي توجه عملية تنمية وتطوير الصناعة وتشكل خارطة طريق وخطة عمل لدفع مسيرتها وقد واجهت ولاتزال تواجه العديد من المشاكل التي اقعدت تقدمها وتطورها.ولذلك فان وجود استراتيجية وسياسات صناعية واحدة من اهم متطلبات تنفيذ وتفعيل القانون بحسبان انها تشكل واحدة من ادواته الاساسية.
6️⃣المحور السادس:
اصدار لائحة لتنظيم وتنسيق العمل مع وزارة الاستثمار والولايات
ان هذا المحور يمثل احد اهم العوامل المؤثرة في عملية تنفيذ وتفعيل القانون بحسبان ان وزارة الاستثمار والولايات المختلفة هي جهات ذات صلة وارتباط وثيق بعملية تطوير وتنمية الصناعة وبحكم ان تلك الجهات تتم فيها اجراءات تتعلق باصدار التراخيص وغيرها من الاجراءات حيث ان وزارة الاستثمار هي السلطة المختصة والمشرفة علي الاستثمار بقطاعاته المختلفة ومسؤولة عن اصدار التراخيص بموجب التوصيات من وزارة الصناعة…اذن هناك تداخل وترابط بين عملها ووزارة الصناعة وكذلك الحال مع الادارات المختصة في الولايات.ولهذا تبرز اهمية اصدار لائحة تنظم وتنسق هذا الترابط تضمن عدم حدوث تضارب الاختصاصات وتعارضها ولضمان انسياب الاجراءات بصورة سلسة.
ان استرجاع الوزارة لجل صلاحياتها واختصاصاتها بعد هذه الفترة الطويلة التي شهدت تغييبها رغم كوادرها المتخصصة عن معظم ما جري في القطاع الصناعي فان الدور المطلوب منها القيام به بعد صدور قانون تنمية وتنظيم الصناعة لسنة ٢٠٢١ يحتم توفير جملة من المتطلبات التي اوردناها في المحاور الستة والتي بدون توفرها لن تستطيع احكام قبضتها علي الشان الصناعي وادارته والاشراف عليه بدءا بوضع الخريطة الاستثمارية وتحديد المشروعات وتقديم الخدمات المطلوبة للمنشآت الصناعية مع ضرورة احكام التنسيق مع الجهات ذات الصلة في المركز والولايات ضمانا لاحداث تطوير وتنمية للقطاع الصناعي وحل مشاكله.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق