مقالات

انتقال الدعم السريع إلى دارفور، مأزق يواجه حركات سلام جوبا

حـدود المنطق

إسماعيل جبريل تيسو:

كان من الطبيعي أن تعود ميليشيا الدعم السريع أدراجها إلى مسقط رأسها في إقليم دارفور، بعد أن تبخًّرت أحلامها في الاستيلاء على السلطة، ودخول قائدها الهالك محمد حمدان دقلو إلى بلاط القصر الجمهوري محمولاً هذه المرة على أكتاف انتصار قواته ليصبح الرجل الأول في جمهورية السودان، وتكون ميليشيا الدعم السريع المتمردة البديل الشرعي للقوات المسلحة السودانية، في سابقة هي الأولى من نوعها على مستوى العالم في عصرنا الحديث، بأن تحل ميليشيا متمردة مكان جيش حكومي مهني عن طريق قوة السلاح.

ولعل اللافت في دخول ميليشيا الدعم السريع المتمردة إلى دارفور، هو الانسحاب التكتيكي الذي مارسته القوات المسلحة السودانية من المناطق والحاميات العسكرية في كل من الفرقة السادسة عشرة مشاة نيالا، والفرقة الحادية والعشرين مشاة زالنجي، والفرقة الخامسة عشرة مشاة الجنينة، حيث تم ذلك بسيناريو متكرر دون إحداث خسائر في الأنفس والممتلكات، وهي مواقف أسالت الكثير من الأحبار، وأثارت الكثير من التساؤلات المشروعة، تساؤلات تكمن إجاباتها عند القيادة العليا للجيش، فربما هناك تكتيك مضاد يعتمل في نفس يعقوب.

وعلى عكس ما جرى في نيالا وزالنجي والجنينة، فقد كان الأمر مختلفاً في فاشر السلطان، حيث أعدت الفرقة السادسة مشاه ما استطاعت من قوة ومن رباطة جأش لترهب بها حماقات واستفزازات ميليشيا الدعم السريع المتمردة، ولم يكن المجتمع المحلي بمعزل عن جهوزية القوات المسلحة السودانية، فقد أعلن مجتمع الفاشر التعبئة العامة وتم استنفار الشباب والقادرين على حمل السلاح لمواجهة ميليشيا الدعم السريع متى حاولت شنَّ هجومٍ على مدينة الفاشر.

قطعاً انتقال ميليشيا الدعم السريع المتمردة بمسرح عملياتها العسكرية والقتالية إلى إقليم دارفور، يشكل ضغطاً كبيراً على حركات دارفور المسلحة وبخاصة الموقعين على اتفاق سلام جوبا، ويضعها أمام تحدٍ لم تكن تحسب له حساباً عندما أعلنت موقفها الواضح منذ انطلاق الحرب في الخامس عشر من أبريل 2023م، بالتزام الحياد من الجانبين، حياد يتم اختباره الآن بدخول ميليشيا الدعم السريع إلى دارفور واجتياحها لكبريات المدن وإعمال القتل والنهب والسلب وممارسة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وسط المواطنين الذين ظلوا يعانون من واقع الاستقرار الهش الذي تعيشه دارفور لأكثر من عشرين عاماً.

قطعاً أن حركات دارفور الموقعة على اتفاق سلام جوبا، مواجهة بمأزق كبير في كيفية التعامل مع الانتهاكات وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها ميليشيا الدعم السريع المتمردة ضد المواطنين في إقليم دارفور، فهي أمام أمرين أحلامهما مرُّ، إما أن تقف هذه الحركات، مكتوفة الأيدي أمام هذه الفظائع التي ترتكبها ميليشيا الدعم السريع ضد المواطنين الأبرياء والعزل، وإما أن تعلن القتال على ميليشيا الدعم السريع، وبالتالي تغسل يدها من مبدأ الحياد الذي كانت قد التزمت به منذ انطلاق الحرب في أبريل الماضي، حيث لم يكن يخطر على بالها وقتئذٍ أن نيران حرب الخرطوم ستنتقل لتشتعل في دارفور وتهزَّ الأرض من تحت أقدامها.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق