مقالات

ليلة رحيلك يا هويدا

جرة قلم

بخيتة أمين:

ما إن كتبوا على مظروف ازرق اللون هنا ترقد هويدا سليم جابر حجره رقم ٧ طابق ٤ مستشفي المنيل التخصصي كليه طب جامعه القاهره الا و قد اصبح هاتفي متصلا بالطبيب والمختص بالاشعه التخصصيه و سنيه شقيقه هويدا الملازمه منذ الدخول و حتي خروج الجنازه إلى مسجد الصلاه ثم إلى مقابر عين شمس ليضم جسد هويدا سليم
ولان القوانين الطبيه تمنع زياره مريض الانعاش الا ان التساؤل و محاوله الاطمئنان تسجل علي مدار عقارب الساعات
و رنين الاهل و الاصدقاء و طاقم كليه امدرمان لتكنولوجيا الصحافه و الطباعه و الصديقات الوفيات لبني يوسف و هدي عثمان و وداد عيدروس و كوثر و رنا و ندي و الدليل و اسماء التوم وعايده القمش و تهاني هؤلاء ظلت اجراس هواتفهم كما مؤشرات جهاز ضربات القلب الموصول بقلب هويدا لم يتوقف الا عند السابعه و النصف صباح يوم مشووم
عندما رن هاتفي ليجيئني صوت امال دراج
( يا بخيته لقد نفذ القدر
جيبي الحنوط و الكفن هويدا ماتت ) لتلتقط الهاتف الاخت سناء الريفي و التي كانت والدتها مني قد ادخرت المطلوبات لمثل هذه الحالات الانسانيه
لولا ايمان في الدواخل لهرعت للكذب و في لحظات كنا امام مدخل ( مغسله الموتي ) حتي البخور و الحنوط و الصندليه
و زادي و عتادي في كل حراكي و سكوني كانت مبتاي و منتهايو الفحم كان معنا
حسبي الله ونعم الوكيل
هل يعقل ان يكون بخور الموت لجنازه جثمان هويدا وانا التي كنت و تمنيت ان يكون هذا البخور بعبقه الحلو لزفافها ؟
سبحان الله
هويدا سليم جزء من كبدي المنفطر ابنتي التي لم انجبها لكنها صنو روحي و اختي الصغيره و استاذتي و معيني و مبتداي و خبري
هويدا سليم
تهاتفني فجرا لترجوني الا انس حبه ضغط الدم لان اليوم اجتماعات و نقاشات و قرارات و زيارات
عملنا سويا لنؤسس لمجله ( سيدتي ) مكتب بالخرطوم لربع قرن من الزمان كانت الصحفيه الشاطره و المبدعه و الحاسمه و المخرجه و المصوره وهي التي ادخلت مجله سيدتي كل بيت سوداني خاصه في منطقه الخليج لان السودان كانت له هويدا سليم تكتب التحقيق وتصوره و تطبعه و ترسله إلى رئاسه المجله بمدينه لندن
ما اعظمك يا هويدا
كانت قبله للصحفيين والصحفيات وهي تدير صحيفة khartoum vision باحثه في صفحات القواميس
ما اروعك يا مبدعه
هويدا سليم
كانت ملاءكيه المنبت صفاء النفس عندهاراسخ والعقل كان امامهاو معارج الكمال تتنسمه في كل خطاها والوصل الجميل لديها كالمزمار يغني للأبد
هويدا سليم
كانت نقيه السيره مستقيمه الطويه شديده الجراه طليقه الفكر باهيه الطله ضاحكه في ادب العقلاست البنات انتي يا هويدا
ولما هممت بتاسيس اول كليه لتكنولوجيا الصحافه و الطباعه بالسودان
كانت هويدا هي العماد و الساس تقترح و تكتب و تطبع و تصحح و ترسل و تستلم و تنظم ثم تعلن القرارات
حزني عليك يا مبتدا و يا خبر
يا هويدا
عندما نعود لديارنا
سنطلق اسمك علي اكبر قاعه للمحاضرات وتكون (قاعه هويدا سليم لتقانه المعلومات) تستاهلي
يا هويدا
مازالت أوراقك مبعثره في حجرتي وهناك ققلامك الملونه التي تحبينها و طدفترك الأزرق وعدد من (طرحاتك المُشَجَّره) داخل دولابي وأنينه عطرك الصغير ترنو لعودتك وفواصل صفحات كتابك الأخير تتراقص أمامي
هويدا سليم
كان رأسها يزدحم بالامال قاءله للحقيقه حافله بالناس لذلك جاء التهليل عاليا وكأنما تدخل إلى القبر بقدميها
هويدا سليم
عقل متسع
رائعه كوعد الرزاز
تصنع المعرفه وتصون الكلمة
يارب العالمين نور مرقدها وطيب مضجعها
ولما كشفت الحانوتيه لي وجهها لأودعها قرأت عليها يس والملك والرحمن على ذاك الجسم النحيل
والله يا هويدا
فاقت محبتي إليك كل الحروف و التعابير
رحم الله روح غاليه تحت الثري
يا الله
اجعل الجنان دارها
ويمن كتابها وثقل موازين حسناتها
وهي تحت رحمتك
خاصه وهي تدفن في دار غربه و وطن و بعيده عن أم إسمها عزه.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق