مقالات

عودة الإسلاميين للسلطة بين التعجل والتمهل

د. عبد الكريم الهاشمي:

1
نشأت الحركة الإسلامية السودانية في أربعينيات القرن الماضي حيث تشير كثير من البحوث إلى أن العام 1946م شهد البداية الحقيقية والنشطة للإخوان المسلمين في السودان ومن ثم تواصلهم مع إخون مصر.

إنخرطت الحركة الاسلامية بعد تكوينها مباشرة في الحراك الهادف وقئذ إلى إعلان استقلال البلاد وطرد الاستعمار. لم تصمد الحركة الاسلامية كفصيل واحد متماسك إذ برز تياران الأول أصر على إبقاء شكل من العلاقة التنظيمية مع إخوان مصر حيث ظل محتفظا بها حتى اليوم كما احتفظوا بتسمية “الإخوان المسلمين” وهذا التيار له تأثير متواضع على الساحة السياسية بينما ذهب التيار الآخر إلى خيار الاستقلالية عن تنظيم الإخوان الأم في مصر وكان له ذلك حيث اتخذ عدة مسميات وفقا للظروف السياسية التي تقلب فيها حتى استقر في الوقت الراهن على مسمى الحركة الإسلامية.
2
يعد الإسلاميون احد اهم الفصائل السياسية والمجتمعية في السودان الحديث لهم كسبهم المجتمعي الوافر ومساهمتهم الكبيرة في الحركة السياسية بل صار لهم في التاريخ الحديث تأثير ضخم في تشكيل بنية نظام الحكم في السودان وبناء مؤسسات الدولة ودواوين الخدمة المدنية والمؤسسات الأمنية وتطبيق نظام الإقتصاد الحر والذي مازال هو النظام الذي يحكم الحركة الإقتصادية في الدولة. إن تأثير الحركة الإسلامية وسليلها المؤتمر الوطني في الإقتصاد والسياسة التأثير المجتمعي يفوق تأثير الفصائل السياسية الاخرى مجتمعة وذلك لتحكمه في مفاصل الدولة لفترة طويلة دامت لثلاثين عاما. إن تفوق تنظيم الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني في الكسب السياسي وإدارة دولاب العمل والقدرة على الإلتصاق بالمجتمع وحلحلة قضاياه لا يعني بالضرورة انها كانت على الصواب المطلق فهي بالتأكيد حركة خلطت عملا صالحا وآخر سيئا وربما يرى البعض انها كانت على الخطأ المطلق فلا يرى في تاريخها السياسي وتجربتها في الحكم ما يمكن ان يحسب لها كإنجاز.
3
تعرضت الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني لعاصفة قوية وحملة عنيفة وشرسة من غرمائها بعد سقوط حكومة الإنقاذ تحت شعار “كل كوز ندوسو دوس” كادت ان تستأصل شأفتها لولا حنكة قادتها ومنسوبيها حيث أسرفت من خلالها في شيطنة وتخوين الحركة ومحاولة الإنتقام منها والإجهاز على عضويتها وعلى مؤسساتها وإتهامها بإرتكاب عظائم المفاسد وجلائل الإنتهاكات حيث أنشأت لجنة لتفكيك نظامها وتصفية مؤسساته “صامولة صامولة” إلا أن منسوبي الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني نجحوا في الإنحناء امام تلك العاصفة وبعد أن إنحسر تأثيرها وإنكشف لقطاع كبير من الشعب هدفها المستبطن الساعي للإنتقام الجماعي والتشفي من منسوبي الحركة الاسلامية والمؤتمر إستجمع الإسلاميون أنفاسهم ولملموا شعثهم ونظموا صفوفهم في زمن وجيز وحاولوا إسترجاع وضعهم كفاعل أصيل في المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي لا يمكن تجاوزه بالرغم من عنفوان الحملة التي إستهدفتهم.
4
هنالك عوامل عديد تمثل عناصر تعجل وتحفيز لمنسوبي الحركة الاسلاميين والمؤتمر الوطني تدفعهم للعودة لمنصات السلطة من جديد مثل الطريقة الدراماتيكية التي تم بها التغيير حيث لم يتوقع اكثر المتشائمين من الإسلاميين السرعة التي تم بها التغيير والكيفية التي حدث بها، فما زالت الحيرة والدهشة تحكمان قبضتهما على عقول الكثيرين فلم يستوعبوا بعد حدوث التغيير ولم يستطيعوا التعامل معه كواقع محتوم ومما زاد ذهولهم أن كثيرون ممن يدينون لهم بالولاء أو ممن إستقطبوهم لمؤسسات الخدمة المدنية والعسكرية مازالوا يسيطرون على مفاصل الدولة مما قلل مساحة اليقين في نفوسهم بالتغيير لصالح التشكيك فيه الامر الذي جعل كثيرين منهم يتعاملون معه بإستهتار ولامبالاة بل كثيرون منهم مازالوا يتعاملون كمتنفذين بذات السلوك الإستعلائي والسلطوي الذي كانوا يمارسونه إبان حكومة حزب المؤتمر الوطني. كذلك لم تتأثر المؤسسات التي شادوها بما حدث من تغيير بل ظل دولاب العمل ونظام تقديم الخدمات للمواطنين كما كان عليه مما زاد دائرة الشكك وعدم اليقين لديهم في التغيير.
5
من أهم العناصر التي تعتبر من عناصر التعجل التي تحفز الإسلاميين وتؤزهم نحو العودة إلى منصات السلطة فشل حكومة مابعد الثورة في إدارة الدولة وإخفاقها في تحقيق تطلعات المواطنين التي إرتبطت بالتغيير هذا الفشل جعل أشواق واصوات المواطنين تتعالى بتمني عودة الإسلاميين والتحسر والتأسف على ذهاب سلطانهم وعقد المقارنات بين حكومة الإنقاذ وحكومة ما بعد السقوط حيث يرجح الكثيرون نتيجة المقارنة دائما لكفة الإسلاميين. كذلك الشعور بفقدان الامن لدى المواطنين وظهور عصابات منظمة تمارس النهب والسلب والسرقة في وضح النهار وفي قوارع الطرقات والغلاء الفاحش في الأسعار التي تضاعفت أضعافا كثيرة حتى أضحى الحصول على الغذاء والدواء في غير مقدور الاسر
هذه الإخفاقات وفرت عوامل تحفيز للإسلاميين في تعجل العودة إلى إدارة الدولة من جديد. كذلك يعد التفريط في سيادة الدولة وترك ابواب التدخل الاجنبي في شأن البلاد مشرعة للعملاء والسفارات وإزدهار سوق العمالة والمخابرات وسط منظمات المجتمع المدني والفوضي الضاربة بأطنابها في كل مكان والهرج والمرج الذي يجتاح دارفور من العوامل التي تدفع الإسلاميين للعودة المتعجلة. كذلك من عناصر التعجل التي تدفع الإسلامييين للعودة سريعا هي محاولة غرمائهم لسلبهم حقوقهم الخاصة والعامة التي كفلتها المواثيق الدولية ونص عليها الدستور ورعتها القوانين فقد تعرضوا لأسوأ حملة استفزاز وشيطنة يمكن ان تتعرض لها جماعة او كيان سياسي ولولا تماسك كيانهم السياسي وتآلف لحمتهم الإجتماعية وثبات عضويتهم على مبادئهم لتلاشى كيانهم وإندثرت حركتهم كذلك التواجد الكثيف والمؤثر لمنسوبي الحركة والمؤتمر الوطني في مؤسسات الخدمة المدنية والاجهزة الامنية قد وفر قدرا كافيا من الطمأنينة منح منسوبي التنظيم شعورا بأنهم مازالوا ممسكين بمفاصل الدولة سيما أن هذا الوضع يسمح لهم بالحصول على معلومات وبيانات مهمة يستطيعوا من خلالها التأثير في إدارة شأن الدولة ظل كيانهم بكامل حيويته يخطط وينفذ و يشارك بل يصنع الأحداث مما شكل عناصر إغراء للإسلاميين جعلت الكثيرين منهم يفكرون في تعجل العودة للسلطة. من اهم العوامل التي جعلت كثير من منسوبي الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني يفكرون في العودة سريعا هي عودة ثقة المواطنين فيهم بعد أن إستفاقوا من أثر الحملات التي إستهدفت تشويه الصورة الذهنية لهم لدى عوام الناس. كذلك قد يكون هنالك رغبة خفية عند بعض الأسلاميين للإتقام من الذين تحرشوا بهم وارهبوهم وأستهدفوهم وأساءوا إليهم بذات الأدوات التي كانت تحت قبضتهم وذلك لإيقاف التجني والتعدي الذي أصابهم جراء الإجراءات التعسفية التي طالتهم ومن ثم توفير الحماية الكافية لمنسوبيهم من التعرض لمثل هذه الحملات مجددا. إن ضعف أداء الاحزاب السياسية التي تسيدت المشهد بعد سقوط نظام الثلاثين من يونيو وفشلها في سد الفراغ السياسي الذي أعقب سقوط نظام البشير كان واحدا من أهم الاسباب التي تعتبر من عناصر التعجل التي اغرت الإسلاميين في العودة كذلك يتمتع الإسلاميون بحضور طاغي ومؤثر وفاعل في المشهد الإعلامي بل أظهروا قدرة فائقة في توظيف الوسائط الإجتماعية والسيطرة الكاملة على منصاتها وإستخدامها في التخذيل وتشويه صورة حكومة ما بعد الثورة لإضعاف الروح المعنوية لداعمي الثورة وقد نجحوا في ذلك فجعلوا كثير من الثوار والداعمين للثورة يرفعون عقائرهم بفشل الحكومة بل طعنوا صراحة في قدرات رئسها ووزرائها بل تظاهروا وهتفوا ضدهم٠ من العوامل التي دفعت الإسلاميين لمحاولة العودة السريعة والمتعجلة هي إصطفاف التنظيمات والجماعات الإسلامية في تيار واحد نتيجة لمحاولة احزاب حكومة الثورة سيما التيارات اليسارية والعلمانية لفرض أجنداتهم الإيدلوجية عبر الحكومة من خلال تغيير المناهج وتعديل القوانيين وتجريف قيم المجتمع واخلاقه والتأثير على سلوكه بأدوات قمعية وارهابية نكاية في الإسلاميين بل جعلت كل التنظيمات والجماعات التي تتبنى شعار “الإسلام هو الحل” في سلة واحدة شاهرة في وجهها شعار (كل كوز ندوسو دوس) مما هذه الجماعات تتوحد دون اعلان في وجه هذه الحملة الجائرة وهذا بالطبع وفر فرصة للإسلاميين للتحرك في مساحات أكبر لتعبئة الجماهير ضد حكومة الثورة متخذة من الإجراءات التي طالت الجماعات الاسلامية والقيم والاخلاق شاهدا ودليلا. إن سرعة إنهيار تحالف قوى الحرية والتغيير الذي تصدر المشهد السياسي عقب سقوط البشير والذي قدم نفسه كراعي للثورة ووصي عليها وحامي لحياضها بل زعم أنه المعني بتفيذ برامجها وتطلعات الجماهير التي صنعت التغيير إنهيار هذا التحالف اكسب الاسلاميين مساحات جديدة في المشهد السياسي. إن الممارسات التعسفية والتسلط الذي مارسته لجنة إزالة التمكين التي إرتكبت اخطاء فادحة في حق بعض المواطنين الابرياء ومارست سلبا وإغتصابا ومصادرة لاموالهم، وشردت عدد كبير من الموظفين لاسباب سياسية دون الإلتزام بالإجراءات القانونية هذه الممارسات خلقت تيارا قويا مساندا ومشجعا لعودة الإسلاميين.
بالرغم من التأيد الخارجي الكبير للثورة إلا أن المجتمع الدولي ظل ممسكا بشعرة معاوية مع الاسلاميين فظلوا حضورا في سياسة المحاور التي تبنتها حكومة الثورة وقد شكلت بعض دول هذه المحاور الحماية والمأوى لكثيرين من الإسلاميين كذلك ظلوا مؤثرين في توجيه السياسة الخارحية عبر أصدقائهم وشركائهم السابقين فظلت السياسة الخارجية كما كانت عليها بغستثناء محاولة التطبيع مع إسرائل والتي لم يكتب لها النجاح. من العوامل التي تعتبر عوامل تعجل عند الإسلاميين للعودة للسلطة ثراء مجموعة الإسلاميين بعدد كبير من المؤهلين لإدارة دولاب العمل في الدولة سيما وقد فشل الذين جاؤوا من بعدهم في ذلك وهذا جعل القيادة الجديدة في الدولة تلجأ إليهم مضطرة ومجبرة للإستفاده من خبراتهم وكفاءتهم سيما وأنهم تأهلوا على نفقة الدولة.
6
من الناحية الواقعية والتعاطي السياسي فإن الإسلاميون ركن أساسي في السياسة السودانية بغض النظر إتفق الناس في ذلك أم إختلفوا ومازالوا فاعلين بقوة في المشهد السياسي بل يعتقد كثير من المراقبين أن هنالك يد خفية (Invisible hand) تتحكم في إدارة شأن الدولة يتحكم فيها الإسلاميون بل هنالك من يعتقد أن الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني لم يبارحوا السلطة أصلا فهم موجودون في الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية السودانية مما عظم عوامل التعجل للعودة للسلطة. إن كسب الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني في خارطة السياسة والإقتصاد السوداني وافر ومساهمتهم كبيرة في تشييد العديد من مرافق البنية التحتية والإقتصادية المرتبطة بخدمات الجمهور صارت نظام (System) ظل متماسكا بالرغم مما تعرضت له البلاد من هزات جعلت الكثيرون يحذرون من مصير الدول التي مرت بتجارب مماثلة أدت لإنهيارها مثل الصومال واليمن وسوريا وليبيا كذلك فإن الإقتصاد الحر الذي تبنته حكومة الإسلاميين والمؤتمر الوطني وفر مؤسسات خدمية موازية للمؤسسات الحكومية مما اتاح فرصة ووفرة في الحصول على الخدمة خارج مؤسسات الدولة مما حد من إستخدام مؤسسات الدولة والذج بها في الصراع السياسي كالإضرابات والعصيان المدني.
7
بالرغم من هذا الكسب يرى البعض ان حكومة الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني التي استمرت لثلاثة عقود تعد من أسوأ تجارب حكم الإسلاميين في العالم العربي والإسلامي حيث كانت سببا في دمار السودان وهي التي جرت على شعبه كل الازمات التي تحدق به وأذاقته سوء العذاب فقر وقمع وتجويع وصراعات وهم بالتالي ليسوا جديرين أن يسعوا لتولي السلطة من جديد. كما يرى قطاع من المراقبين أن مشروع حكم الحركة الإسلامية في السودان قد انتهي إلى ديكتاتوريات قمعية ودولة شبه فاشلة ولعل أكثر الانتقادات التي توجه للحركة الإسلامية أنها هيمنة على الحكم عبر انقلاب عسكري أطاح بنظام حكم ديمقراطي تعددي وقد اقر بهذا د.حسن الترابي بل أبدى ندمه لهذه الخطوة. هذا التباين في الحكم على تجربة الإنقاذ يستوجب من الإسلاميين عدم الإستعجال في العودة الى سدة الحكم والتمهل ومن ثمّ الخلود الى دراسة تجربتهم في السلطة والحكم فهي تجربة حرية بذلك حيث تعتبر اطول فترة حكم للإسلاميين في التاريخ الحديث وهي محتشدة بالإنجازات والمغامرات والتحديات والإخفاقات والنجاحات وهي تجربة إقتصادية لا تخطئ عين المهتمين بحركة الإقتصاد وهي تجربة بدأت شمولية وإنتهت بنظام حكم خليط ما بين النظام الرئاسي والبرلماني والشمولي وهي تجربة تأرجحت في سياساتها الخارجية ما بين الشرق والغرب واللبرالية والماركسية وعاشت اوضاعا إستثنائية في محيطها الإقليمي والدولي وضرب عليها أطول حصار تتعرض له دولة في التاريخ الحديث هذه التجربة وبهذا الثراء تستلزم الوقوف المتأني لدراستها بدلا من السعي لتكرارها والإصرار عليها. إن من العوامل المهمة للتمهل وعدم الإستعجال للعودة للحكم من جديد العمل على تحسين الصورة الذهنية للحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني لدى الشعب وإزالة ما علق بها من تشويه ودراسة الاسباب التي جعلت الشعب ينساق وراء ما أشيع حولهم من فساد ويذعن أدى إلى حالة من الرفض الجماهيري العريض والكراهية الطاغية للإسلاميين التي وصلت حد الكفر بهم بل أصبحوا على إثرها الإسلاميين شياطين يُلعنون كل ما سنحت الفرصة فلابد من التعرف أسبابها والتعرف وعدم الإستكانة للتبريرات التي تعزي ذلك للمؤمراتوالإستهداف الذي تتبناه دوائر خارجية وداخلية وفقا لذعمها فهذا لا يكفي فليس من المعقول ان نعزي ذلك لعداء الغرماء فقط بل يجب الإعتكاف على دراسة هذه الظاهرة التي. إن الحكومة القائمة ومنذ سقوط البشير لم ترعى في الإسلاميين إلا ولا زمة بل سامتهم الأمرين وتعاونت مع تحالف قوى الحرية والتغيير في قمعهم وإضطهادهم فليس من المقبول التظاهر بدعمها والدفاع عنها والإنخراط للعمل فيها دون مساومة واضحة او دون حاجة وطنية ملحة تستدعي المشاركة. لابد للإسلاميين من الإنتباه أن حاجة الحكومة القائمة لحاضنة سياسية بديلة لقوى الحرية والتغيير بعد قرارات الخامس والعشرون هي ما يدفعها للجوء إلى الاستعانة بمنسوبي الإسلاميين والمؤتمر الوطني لمواجهة التيارات اليسارية والعلمانية التي كانت تسيطر على السلطة خلال العامين الماضيين من عمر الفترة الانتقالية مما يجعل التجواب مع هذه الإستعانة بحذر فهي حاجة تكتيكية وليس إستراتيجية.
8
إن التمهل وعدم الإستعجال للعودة الى السلطة لا يعني الإنزواء والإحجام عن أداء الواجبات الوطنية ولا يعني الإستجابة والإذعان لحملة الإستئصال التي يقودها غرماء الإسلاميين ومحاولة عزلهم من محيطهم الإجتماعي لكن ينبغي أن يكون التعاطي مع ذلك في إطار المحافظة على تواجدهم في كل المجالات والمساهمة في بناء الدولة السودانية والمساهمة في نهضتها والدفاع عنها ومنع اسباب إنهيارها وعدم التفريط فيها فهو تنظيم قدم ارتال من الشهداء فداء للوطن ونفذ مشروعات تنموية كبيرة واحدث طفرة كبيرة في التعليم العالي وفي التكنلوجيا والإتصالات وفي كثير من المجالات ولكن هذا لا يعني الإنخراط الكامل في العمل السياسي والدستوري والتنفيذي علانية او من وراء حجاب.
9
إن التعجل للعودة لمنصات الحكم الذي يتبناه بعض الإسلاميين الذين يغضون ابصارهم عن رؤية الواقع وتجلياته الصارخة ويصرون على العودة بل يوحون الى البعض أنهم مازالوا يمسكون بمفاصل الدولة ربما يأتي بنتائج عسكية بالرغم من ارتفاع بعض الاصوات التي تنادي بضرورة إشراك الاسلاميين في السلطة وان تعتبر أن إجتثاثهم من ارض السودان أمر مستحيل. أتيحت للإسلاميين فرصة كبيرة في الحكم لم تتح لغيرهم حيث دان لهم السودان لمدة ثلاثين عاما حاولت فيها تنفيذ مشروعها السياسي الإسلامي من خلال سيطرتها على مفاصل الدولة السودانية وهي فترة كافية لإحداث التغيير الذي بشرت به أدبياتها السياسية إلا أن التجربة سقطت فكيف تفلح المساعي الرامية الى إعادتها من جديد في ظل الرفض المجتمعي العريض الذي تواجههة الحركة الإسلامية الأمر الذي يتطلب تمهل لدراسة اسبابه بدلا من التعنت والمضي بتعجل في ذات الطريق وتبني ذات السياسات في محاولة لإعادة عقارب الساعة او العجلة إلى الوراء والعودة إلى المشهد السياسي في البلاد من بوابة استغلال العواطف الدينية واتهام الحكومة الإنتقالية بالتضييق على الحريات والإقصاء. مكثت الحركة الإسلامية في الحكم زهاء الثلاثون عاما وهي فترة جديرة بالمراجعة ومعالجة الإخفاق والقصور وليس الركون إلى سجلها الحاشد بالنجاحات ولا إلى التوهم بامتلاكها الحقيقة المطلقة التي لا يأتيها الباطل البتة مما يجلها تكابر عن النقد وتصر علي الأخطاء والاستمرار فيها والتبرير والتسبيب لها والدخول في مغالطات لنفي الأخطاء التي علقت بها. من الاخطأ التي سيقع فيها الإسلاميون جراء التعجل في العودة عدم مراجعة تجربتهم السابقة في الحكم والاستفادة من أخطائها، وما أكثرها ومن ابلج الأخطاء هي العودة بذات الوجوه القيادية القديمة المتهمة بإرتكاب أخطاء عدة فإذا لم تتدارك الحركة الإسلامية تلك الأخطاء ومعالجة الاختلالات الفكرية والبنيوية وتعكف على دراسة تجربتها او تتمهل حتى تخرج نتائج نقد التجربة كما صرح بذلك امينها العام الاستاذ علي كرتي فستلدغ من ذات الجحر الذي كان سببا في إبعادها من السلطة مثنى وثلاث ورباع.

Krimhashimi5@gmail.com
0912677147

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق