مقالات

قصة بروفيسور “البرير” كما ترويها لحظات المآسي

بقلم/ هشام عباس زكريا:

في رحاب الأحساء الجميلة شرقي المملكة العربية السعودية تعرفت على البروفيسور عبد الباقي البرير زميلاً وأخاً فاضلاً في إحدى الجامعات السعودية ، سنوات ست تقاسمنا فيها الأيام الجميلة واللحظات السعيدة وعطر الأمكنة والجلسات ونهكات الطعام التي يجيد طبخها ، بروف (البرير) رجل يجمع بين التواضع الجم، والعلم ،وبين الظُرف و اللطافة،والحكمة، يدخل القلوب دون بوابات وحراسات،لا يعرف التكبر والتعالي والتباهي،تعجبه الأشياء الجميلة فيعبر عنها في فرح غامر ، شاءت الأقدار أن يعود للوطن قبل عامين ليجد جامعته في السودان قد تخلت عنه بحجة أنه أمضى خمس سنوات في الإغتراب وبالتالي لا يمكن إعطاؤه إجازة دون راتب لست سنوات ، فما كان منه إلا أن جمع حصاد غربته في سيارة (بوكس) أصبح يعمل بها لتأمين قوت أبنائه ، ترك القاعات و الطلاب و المكتبات وأصبح على طرق الخرطوم بعربته (البوكس) يصارع ظروف البلد التي جعلته فجأة خارج مهنته التي ألفها والطلبة الذين ألفوه والمراجع والكتب التي قام بتأليفها،كم من برير في السودان؟ وكم من قصص يمكن أن نرويها تحكي ضيم أهل المهنة لمنتسبيهم؟ بروف (البرير) بعد السنوات الطويلة والخبرات المتراكمة والاحتكاك بجنسيات مختلفة من الأساتذة الجامعيين كان يمكن أن يقدم أكثر مما كان،فقد عاد بمخزون دورات تدريبية وبحوث نشرها وترقيات نالها.
رغم ذلك ظل البروفيسور البربر راضياً قانعاً و كان يدعونا للعودة للبلاد و يحكي لنا قصصه مع الترحيل ويرسل لنا صوره وهو وسط المطاعم لعلّ هذه الصور توقظ فينا حلم العودة للبلد،كان سعيداً وهو وسط الأسواق يساعد طلبة المدارس وكبار السن وأصحاب العوز، البروف (البرير) أول أمس (الثلاثاء 18/10/2022) وعند المغيب في أم درمان يحضر إثنان إلى منزله وأوحيا له أنهما يسكنان معه في الحي وطلبا مشوار، وفي وسط الطريق يشهرا السلاح و يعتديا عليه ويسرقا العربة البوكس (حصاد العمر) والحمد لله أنه رغم الكدمات وآثار الضرب إلا أنه بخير.
فقد البروف البرير عربته وأمنه وقبل ذلك موقعه في الجامعة ،و تعكس قصته وضعاً أمنياً محزناً في العاصمة ، ولو انعدم الأمن لتعطل الاقتصاد والتنمية.
بالأمس الأربعاء 19/10/2022 وهو اليوم الذي تم فيه توزيع الشهادات السودانية في المدارس، بعده ب(5) ساعات يقدم حوالي (3) الف طالب و طالبة للجامعات المصرية بسبب الأوضاع الأمنية المزرية والمبالغة في مصروفات الجامعات حتى الحكومية منها وتردي الخدمات في الداخليات ، هذه الأحدات بالطبع لايمكن فصلها من بعضها ، فالبلد في حالة إفراغ وهجرة الأمر الذي يتطلب ترك أي قضايا ليكون الوطن هو الهدف،فالموقف الآن نكون أو لا نكون.
أختم هذا المقال برسالة لمعالي وزير التعليم العالي و البحث العلمي في السودان أن يعود البروف عبد الباقي البرير إلى قاعات الدراسة كما كان أستاذاً جامعياً ولا أظن أن الوزير سيتردد في هذا الأمر ، فقد كتب البروف البرير عبر قصته كتاباً من القناعة و التعاطي مع الواقع،فقد عاد يحمل حب الوطن وظل يرسل لنا صور العشق الأبدي على ضفاف النيل، ويٌمنى نفسه أن يستنشق هواء الوطن المترع بالراحة،ما همه ماذا يعمل ،كان كل همه كيف يكون في السودان يرسم الأمل الأخضر مع بني جلدته.
عزيزي البروف عبد الباقي البرير أسمح لي أن أكتب في دفتر سنواتي معك..كم أنت عظيم.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق